"أنواع العقوبات"
منذ السيرة الأولى للإنسان على وجه المعمورة وهو في تطور مستمر لكافة القوانين الحياتية ومن بين تلك القوانين كان نظام العقوبات بديلاً عن فكرة الإنتقام وشريعة الغاب التي سادت لقرون عدة ، ثم جاء العصر الحديث بالنظام المتكامل لإدارة الدولة بما فيها من قوانين متعددة ، ونرى في العصر الحديث ما أفرده قانون العقوبات المُستمد من دستور الدولة والذي وضع نظاماً يتحقق به الردع لكل مخطئ ويحفظ أمن المجتمع ضد كل نقيصة أو جرم أو مخالفة وهي عقوبات تتحقق بيد الأجهزة المعنية قضائية كانت أو شرطية وتلك العقوبات هي التي يتحقق بها القصاص، وإصلاح الجاني، وحماية المجتمع ؛ وتبعاً لتطور المجتمعات وحداثتها فقد تطورت العقوبات تبعاً لما يرتدع به المذنبون حتى باتت هناك أنواع عديدة من العقوبات منها الأصلية ومنها التعزيرية ومنها التكميلية ومنها التبعية وإذ يتساءل البعض عن ماهية تلك العقوبات التعزيرية المرتبطة بذلك المصطلح الدارج تداوله أحياناً والعقوبات التعزيرية هي العقوبات المستمدة من الشريعة الوضعية وفق ما وردت بقانون العقوبات أما جرائم الحدود والقصاص فهي تسري عليها أحكام الشريعة الإسلامية ومنها على سبيل المثال عقوبة الجلد كما هو في جريمة شرب الخمر ومن هنا يتضح أن مصطلح العقوبة التعزيرية هو مصطلح تعريفي لعقوبات بعينها ، أما عن أنواع العقوبات فنتناول منها العقوبة الأصلية وهي العقوبة التي يُقضى بها بشكل مباشر وأصلي كعقوبة الحبس أو الغرامة أو السجن أو الإعدام أما العقوبة التكميلية فهي التي يكون القضاء بها سلطة جوازية للقاضي يقضي بها أو لا يقضي بها وفق ما يتراءى له من وقائع وظروف وحالة القضية والمحكوم عليه ومن العقوبات التكميلية على سبيل المثال إلزام المحكوم عليه بتدبير المراقبة ويكون ذلك بطريق إخضاعه لمراجعة إدارة الأمن في توقيتات محددة وبشكل دوري طوال المدة المقضي بها بعد قضاء العقوبة ، ومن أمثلة العقوبات التكميلية كذلك الحرمان من تقلد الوظائف العامة ، وكذلك سحب رخصة القيادة على سبيل المثال أو وقف العمل بها لفترة من الوقت كما في الجنح المرورية أي أن العقوبات التكميلية هي العقوبات التي تضاف للعقوبة الأصلية بهدف الحصول علي مزيد من الردع والإصلاح وكذلك بهدف الوقاية مستقبلا من الجريمة وهي تصدر بسلطة تقديرية وجوازية من القاضي ، أما العقوبة التبعية فهي العقوبة التي تقترن بالعقوبة الأصلية دون سلطة تقديرية من القاضي كما في حالة تدبير المصادرة في تهمة الإتجار بالمواد المخدرة ، أو تدبير الإبعاد للأجنبي في جرائم التزوير في الأوراق الرسمية ، أو تدبير مصادرة الأجهزة كما في الجرائم الإلكترونية وحاصل ذلك أن تلك العقوبة التكميلية هي عقوبة لا تنفصل عن العقوبة الأصلية ولا تخضع لأي سلطة تقديرية بإعتبار أنه طالما قُضي بالعقوبة الأصلية فقد قُضي بالعقوبة التبعية دون إنفصال ، ولا يزال تطوير الأنظمة العقابية سارياً وفي تطور مستمر بما يحفظ للمجتمع أمنه وإستقراره.
بقلم المحامي الدكتور
محمد جاويش