"الإستشارات العشوائية ومواجهتها"
لا شك أن الفضاء الإلكتروني قد أسهم في إنتشار بعضاً من عمليات الإحتيال والتي تبدأ بالتسويق الإلكتروني لمنتجات ومروراً بأشكال أخرى وصور عديدة للإحتيال وصلت إلى إنتحال الصفات أو الشخصيات او الألقاب كون المستخدم إن كان جاني أم ضحية فهو يتعامل في واقع إفتراضي يصعب تحديد هوية مستخدميه أو مدى صحة ما يظهرونه للأخرين ، إلا أننا نتناول هنا على وجه التحديد هؤلاء اللذين ينتشرون وينشطون على منصات التواصل الإجتماعي فتارة تجد من يعلن عن تقديم إستشارات تجارية وإقتصادية ومرة نجد من يعلن عن تقديم إستشارات تربوية ، او إستشارات أسرية وما أكثرها ، وحقيقة الأمر أنه قبل إنتشار منصات التواصل الإجتماعي كان الوصول أو التواصل إلى مقدمي الخدمات المهنية من خلال تزكية وترشيح المعارف والمقربين وهو ما كان يمنح الطمأنينة لمن يقصد ذلك الإستشاري أو ذلك الفني بحسب تخصصه كونه معلوماً لدى الكثيرين وقام ببناء هويته على مدار سنوات ومن خلال السُمعة الطيبة أما الوقت الراهن فنجد فوضى عبثية ممن هم مجهول مؤهلاتهم أو خبراتهم أو سيرتهم يعلنون عن تقديم إستشارات أسرية أو عائلية على شبكات التواصل الإجتماعي بل أن الإستشارة ذاتها باتت تُقدم على مواقع التواصل الإجتماعي أو من خلال مكالمة فيديوا ، ومخاطر ذلك هو كون أسرار البيوت والعائلات قد تكون مباحة لمجهولين أو غير مؤهلين نتيجة العشوائية في منح الرأي أو عدم قدرة من يطلق على نفسه لقب مستشار منح الإستشارة أو الرأي بعيداً عن عواطفه او إنحيازه أو تجربته الشخصية ، وحين الحديث عن مقومات أو مؤهلات القائم بمنح إستشارات فإن من أبجديات ممارسة ذلك العمل وقبل النظر لماهية مؤهلاته أو قدراته فينبغي أن يكون قد أدى قَسٌم ويمين أمام الجهة المختصة كونه يتعامل مع أسرار حياتية تخص مغمورين أو مشهورين وقد يكون من بينها إنحرافات وقد يكون من بينها أعمالاً خيرية وكل ذلك من الأسرار المصونة والتي كفل القانون والدستور الحفاظ عليها فلا ينبغي طرحها إلا لأمين عليها ، وقد تكون الإستشارة تحريضية أو إفسادية تزين لإمرأة كراهية زوجها أو تزين لرجل كراهة زوجته أو غير ذلك وتلك الأراء التخريبية قد تجد سبيلها بنجاح كون طالب الإستشارة في أضعف أوقات حياته أو يمر بظروف عصيبة ، أما من جهة المقومات أو المؤهلات فإننا نرى برأي متواضع هو ترك أمر منح الترخيص بذلك لسلطة أو جهة مختصة بعينها والتي يكون لها أن تضع المعايير والإختبارات والإشتراطات والتطلبات العلمية لطالب الترخيص ولا يكون الأمر متوقفاً على إجتياز دورة وإنما يتعين وجود دراسة أكاديمية بخلاف كل ما سبق ، وأخيراً نوجه النصيحة للكافة بعدم الإنجراف خلف الغير معلوم من المعلنين عن خدمات قد تمس حياتهم أو كيان أسرتهم .
والله الموفق والمستعان ،،
بقلم المحامي
د.محمد جاويش